lycee Moulay Ismail

االثانوية التأهيلية مولاي اسماعيل الدار البيضاء

 Lycée Moulay Ismail Casablanca

   

لتأهيلية م.إسماعيل -  الدار البيضاء.                                                   الأستاذ: الزهيدي عبد الفتاح

 

الحــق  والعــدالـــة

مـــقــدمــــة:

يرتبط الحق بالمجال الإنساني باعتباره قيمة عليا تحرك الإنسان والمجتمع نحو نشدان الأفضل (كالمعرفة الحق والإنسان الحق والوجود الحق، ...) وبكونه مجسدا للقيم المثلى التي مارست جاذبية على الفكر البشري وفي مقدمتها قيمة العدالة فضلا عن المساواة والحرية والإنصاف...

أما من حيث ارتباطه بالممارسة السياسية فيتحدد كمعيار أخلاقي أو قاعدة قانونية مقابل ما هو أمر واقع. وبذلك يكون الحق قيمة أخلاقية وعقلية مؤسسة لعلاقات الأفراد فيما بينهم داخل مجتمع منظم. إنه إذن ما يحكم دولة الحق في مبادئها ووظائفها وغاياتها. من هنا، فهو يستلزم نوعا من الإكراه الذي تقتضيه ضرورات السياسة والاجتماع.

*هكذا إذن يتراوح الحق بين مستوى ما هو كائن (القانون، الإكراه) وما ينبغي أن يكون (العدالة بوصفها البعد الغائي والمعياري الذي يؤطر إنتاج الحق وتداوله في الحق السياسي) وانطلاقا من مراوحته بين هذين المستويين، تنشأ إشكالية الحق الفلسفية.

-الإشكالية المركزية:

 

ما الحق؟ وما العدالة؟ وما العلاقة بينهما؟

-يمكن تأطير الإشكالات التي يثيرها مفهوما الحق والعدالة ضمن المحاور التالية:

 

I- الحق بين الطبيعي والثقافي:

يستلزم ارتباط الحق بالمجال الإنساني باعتباره المجال الوحيد لإنتاجه وتداوله أن تتناول انطلاقا من الأبعاد التي تدخل في تركيب وتحديد وجود الإنسان، وباعتبار هذا الأخير كائنا يتحدد كوجود مزدوج، أي ككائن طبيعي وثقافي، يطرح السؤال حول الأساس الذي يقوم عليه الحق:

- فعلى أي أساس يقوم الحق؟

- هل يقوم على ما هو طبيعي ومادي عام؟ أم على ما هو ثقافي خاص؟

- على حق القوة؟ أم على قوة الحق؟

 

II- العدالة أساس الحق:

- ما طبيعة العدالة باعتبارها أساس الحق؟

- من أين يستمد هذا الأخير قوته على تجسيدها وتحقيقها؟

 

III- العدالة بين المساواة والإنصاف:

- ما العدالة؟

- من أين تستمد أسسها؟ هل من قاعدة المساواة؟ أم من قاعدة الإنصاف في الحقوق والواجبات؟

- هل تمثل بعض أشكال التفاوت في الحقوق الاجتماعية والسياسية وغيرها... تعارضا مع مبدأ العدل؟

 

المحـور I: الحق بين الطبيعي والثقافي.

* الأساس الطبيعي للحق: "هوبس" و "اسبينوزا".

- أطروحة هوبس:

إذا كان الإنسان طبيعيا يتحدد وجوده بما هو ثابت ومشترك بين جميع الكائنات من إمكانات وقدرات طبيعية مادية (غرائز، حاجات، نظام بيولوجي ...) فإن الحق يتحدد بالنسبة له على ما يتوفر عليه من قوة تمنح له حرية فعل ما يريده بشكل مطلق. والحق الطبيعي بهذا المعنى هو الحرية المطلقة في فعل كل شيء حتى ولو كن علي حساب الآخرين كما يرى "طوماس هوبس".

إنه حق طبيعي ينسجم وحالة الطبيعة، حيث لا وجود لأي شكل من أشكال الحياة الاجتماعية، ولا وجود لدولة ولا لمؤسسات حق يقوم على الدوافع العدوانية للإنسان (الإنسان ذئب لأخيه الإنسان)، وعلى الرغبة في إشباع نزواته وغرائزه وكل ما يضمن له مصالحه الفردية ويحفظ له وجوده البيولوجي الخام (الإنسان أناني بطبعه) إلا أن ذلك ينتهي بالأفراد إلى الدخول في حالة "حرب الكل ضد الكل" وسيادة قانون الغاب والبقاء للأقوى.

- أطروحة اسبينوزا:

عند اسبينوزا نجد الحق الطبيعي مطابقا لقدرة الذات، ويتحدد على أساس ما تتوفر عليه من قوة –ذلك أن كل كائن- بما في ذلك الكائن الإنساني –تتحدد ماهيته في الرغبة والإنسان بهذا المعنى كائن راغب، ويسعى بطبيعته إلى حفظ غريزة البقاء بالدرجة الأولى. وبالتالي فكل ما يراه الإنسان موافقا وحسنا وكفيلا بصيانة وجوده، فضلا عن امتلكه ما يكفي من القدرة لفعله، فهو حق له.

النتيجة هي أن حالة الطبيعة من حيث هي قائمة القوة والهوة والرغبة هي مهددة للحياة الإنساني. من هنا فإن كلا من هوبس واسبينوزا يقترحان حلولا تتجاوز حالة الطبيعة وتؤمن حياة الإنسان وفق مقتضيات العقل السليم وتسمح بالتعايش مع الغير. حيث يرى "هوبس" أن الحل يتمثل في أن يضع الإنسان حدا لسلوكه وحركاته وضبطها في إطار الدفاع عن نفسه دون تعد على الغير. وإما بتكليف شخص بمهمة الدفاع عن مصالحه وهو الأمور. وبذلك تنتفي حالة الطبيعة.

أما اسبينوزا فيعتبر أن هناك ثلاثة عوامل ترفع الإنسان لتجاوز حالة الطبيعة.

-عامل وجداني: يتمثل في أن الإنسان يأمل مبدئيا في العيش في جو من قدر الإمكان.

-عامل عقلي: يتمثل في ضرورة الحياة العامة وفق قوانين العقل السليم.

-عامل مادي: يتمثل في أن المصلحة المشتركة لا يمكن أن تتحقق إلا في إطار من التعايش.

 

استنتاج:

إن القول بالحق الطبيعي الذي يقوم على حق القوة يتعارض مع الماهية الإنسانية ولا يتناسب مع الكائن الإنساني ككائن ثقافي عاقل، ميال إلى الاجتماع والتعايش مع الغير.

من هذا المنطلق، اعتبر فلاسفة الأنوار أن الحق يجب أن يطرح انطلاقا من بعده الثقافي كبعد مميز للإنسان بوصفه عاقلا واجتماعيا ومنتجا للثقافة، وأن يعاد تأسيسه بناء على ما تمليه الطبيعة الإنسانية المزدوجة (جسم وروح، مادة وفكر، غريزة وعقل...) وعلى ما يترتب عنها من نتائج على مستوى العلاقة بباقي المجتمع الإنساني.

* أطروحة جون جاك روسو: الأساس الثقافي/التعاقد للحق.

يرى ج.ج روسو الذي يعد أشهر منظري فكرة الحق الثقافي –أن هذا الأخير يقتضي تجاوز منطق البعد الطبيعي الحيواني للذات الإنسانية وتنازلها عن أنانيتها وتمركزها المطلق حول نفسها، والاتجاه –مقابل ذلك- إلى التعايش والتساكن في إطار نظام معين أساسه التعاقد الاجتماعي بين الأفراد والذي يشكل أسلوبا جديدا في التعامل بين أفراد المجتمع، وقوامه تنازلهم بمحض إرادتكم عن حرياتهم الطبيعية لفائدة سلطة قانونية عليا رادعة تستمد شرعيتها من سيادة المواطنين وإرادتهم العامة، ستكفل الأفراد حقوقهم أو ما تبقى لهم منها، وتسعى إلى ضمانها (كحق العيش في أمن، والحق في الحماية والتعويض عن الخسائر والأضرار...).

إنها حالة المدنية/الثقافة. ومن البديهي أن اختيارها ليس سلبا لحقوق الإنسان أو تتنازل عنها، بل هو اختيار لضمان تلك الحقوق بشكل عقلاني وأقوى في الاتجاه الذي يجعل "الامتثال للقوانين التي يتم تشريعها حرية" كما يقول روسو.

استنتاج:

إن الحق بمعناه الثقافي-المدني لا يتعارض مع الطبيعة الإنسانية؛ فهو من جهة تنظيم لحق الطبيعة الإنسانية (الحرية المطلقة)؛ ومن جهة أخرى، فهو يشمل ما هو طبيعي (الحق في الحياة وما هو ثقافي نوعي قابل للتطور (المساهمة في اتخاذ القرارات...).

II- العدالة أساس الحق:

ما العدالة؟ وما علاقتها بأي معنى تكون العدالة أساس الحق؟ ومن أين يستمد هذا الأخير قوته على تجسيد العدالة؟

* أطروحة إميل ش. آلان.

ينطلق ألان في بناء تصوره للحق وعلاقته بالعدالة من التمييز بين مستويين: مستوى ما هو واقع // مستوى ما هو حق.

يتعلق المستوى الأول بأشكال العلاقات والمعاملات المتداولة والجارية بين الناس في الواقع الفعلي. لكنها مع ذلك لا تعبر عن الحق ولا تمثله. ففي مستوى الواقع يبقى الحق معلقا على حد تعبير ألان. وحينما يتم الاعتراف بإحدى تلك المعاملات بموجب حكم علني صريح صادر عن السلطة القائمة تكون حينئذ مرادفة للحق، وبالتالي تعبيرا عن قيمة الحق.

لا تتحقق العدالة إذن إلا في إطار الاحتكام إلى السلطة القائمة (= الدولة) وما يصدر عنها من نسق القوانين والقرارات، وهذه الأخيرة كافية لضمان العدالة حسب ألان، شريطة أن يتساوى أمام كل الناس.

* اسبينوزا: يذهب اسبينوزا إلى التأكيد على نفس العلاقة الضرورية القائمة بين العدالة والقانون، فالعدالة هي تجسيد للحق وتحقيق له طبقا لقوانين الدولة المدنية ومنه، فلا يمكن تصور وجود عدالة خارج الدولة.

* شيشرون:

لا توجد عدالة ما لم توجد طبيعة صانعو للعدالة

تندرج أطروحة شيشرون في سياق فلسفي مخالف يرى أن العدالة لا تتأسس على كل ما هو من نتاج العقل من نظم وقوانين ومؤسسات، بل تقوم على قانون الطبيعة في هذا الإطار يرى شيشرون أن العدالة لا تتجسد في الدولة عبر مؤسساتها وقوانينها وتشريعاتها المكتوبة، بل على العكس من ذلك، قد تكون نفيا للعدالة والحرية وبالتالي عرضة للانتهاك. ويؤكد شيشرون مقابل ذلك على الطبيعة بوصفها القاعدة الوحيدة للتمييز بين ما هو عادل وما هو ظالم. وعلى ذلك فإن فضيلة أخلاقية إنسانية مبنية على الحب والخير والاحترام، ومصدرها هو الطبيعة الإنسانية الثابتة، لا المصلحة الخاصة والمتغيرة. من هنا إذن، تتحدد الطبيعة بوصفها أساسا للفعل الأخلاقي بصفة عامة.

--->  تبعا لما سبق، وتعميقا للتفكير في ماهية العدالة وطبيعتها، يندرج المحور الموالي الذي يطرح إشكالية العدالة في علاقتها بمفهومي: المساواة والإنصاف.

 

III- العدالة بين المساواة والإنصاف:

إذا كانت المساواة من لوازم تحقيق العدالة، فهل تعني التطابق في الحقوق والواجبات؟ أم أنها مساواة تقبل بوجود أشكال من التفاوت بين الناس؟ وبمعنى آخر ألا يمكن الحديث عن الإنصاف كقاعدة للعدالة بدل المساواة؟

* أطروحة أفلاطون:

يندرج حديث أفلاطون عن العدالة ضمن إطار عام يتعلق بنظريته في السياسة والدولة. إذ يرى أن الغاية من قيام الدولة هي العدالة

لما كان المواطنون داخل الدولة مختلفون إلى ثلاث فئات متباينة (الحكام والمحاربون والعبيد أو العمة) تبعا للتقسيم الثلاثي للنفس إلى عاقلة وغضبية وشهوانية، فقد كان من اللازم أن ينم تقسيم وظائف الدولة إلى ثلاث وظائف وتخصيص كل فئة بوظيفة معينة.

بهذا المعنى، فإن العدالة لا تتحقق إلا بإسناد كل واحدة من وظائف الدولة إلى الفئة المناسبة لها حسب ما هي مهيئة له، أي المنسجمة لما يتوفر عليه الأفراد من قدرات وقوة عقلية أو جسدية أو نفسية (انصراف الأفراد إلى ما يعينهم ويخصهم).

وفي نفس السياق، يرى أفلاطون أن العدالة من حيث هي فضيلة تتحقق على مستوى المجتمع نتيجة التناغم والانسجام بين الفضائل الجزئية الثلاثة، الحكمة والشجاعة والاعتدال. والتي تتناسب على التوالي مع الطبقات الثلاثة السابقة الذكر.

  

* أطروحة ج. راولز

عمل ج. راولز على تطوير نظرية أرسطو فيما يتعلق بالعدالة، من خلال نقده للفلسفة النفعية وذلك من خلال إعطائه قيمة كبرى لفكرة الإنصاف ويعني الإنصاف بالنسبة لراولز إعطاء كل فرد في المجتمع حق الاستفادة بالتساوي من الحقوق الأساسية واعتبر أن اللامساواة مقبولة عقليا على أرضية تكافؤ الفرص التي تسمح للأفراد بلوغ مراتب ووظائف عليا في المجتمع، فالعدالة حسب راولز، هي الكفيلة على تجاوز الاختلال الناتج عن فائض الحرية" في المجتمعات الليوالي، وتصويب ما آلت إليه هاته المجتمعات من فوارق وتفاوتات تنسف وعود الحداثة السياسية.

يؤسس راولز نظريته في العدالة على مبدأي التوحيد و التفريق:

1) كل الناس أحرار ولهم الحق في النسق الموسع للحريات بالتساوي

2) من الطبيعي أن تنتج عن هذا النسق الموسع للحريات فوارق اجتماعية اقتصادية هائلة بين الناس، هذه الفوارق ينبغي أن تنظم بالكيفية التالية:

* أن تكون في مصلحة الأكثر حرمانا (أي ضحايا انتظام اليوالي)

* أن تكون نابعة من مبدأ تكافؤ الفرص في الوظائف  وفي الوضعيات.

* لا يرى راولز إذن غضاضة في اللامساواة، إذا كانت في مصلحة المحرومين، وإذا كانت أيضا حصيلة تكافئ الفرص التي تحييها النظام الليوالي.

 

الثانوية التأهيلية م.إسماعيل -  الدار البيضاء.                                                   الأستاذ: الزهيدي عبد الفتاح


Les Articles les plus lus

Nos points forts : un lycée modèle Par Enseignant
Article : une journée pour la pédagogie Par Enseignant
Article : le respect de l'autre Par Enseignant
J'aime mon lycée : comment rendre la vie agréable au lycée Par Enseignant
Article : la journée internationale de l'environnement Par Enseignant

LES DIFFERENTES SECTIONS

Sciences maths


Avec ses morceaux de poulet grillé, ses copeaux de parmesan et ses croûtons,

Lettres modernes


Avec ses morceaux de poulet grillé, ses copeaux de parmesan et ses croûtons,

Sciences physiques


La salade de riz est un plat complet et savoureux, à base de riz, de thon et de crudités.

Sciences humaines


La salade de riz est un plat complet et savoureux, à base de riz, de thon et de crudités.

Sciences de la vie et la terre


La salade de riz est un plat complet et savoureux, à base de riz, de thon et de crudités.

Autres activités


La salade de riz est un plat complet et savoureux, à base de riz, de thon et de crudités.

Liens pratiques, L.M.I.C. ,
Situation du Lycée
lycee

L.M.I.C. sur les réseaux sociaux

Informations générales