Le Lycée Moulay Ismail
عيد سعيد
الزهيدي عبد الفتاح
الإثنين 03 فبراير 2014
من أين أبدأها حكاية إنسان قرر يوما أن يشتغل في بناء الانسان، فأعد الزاد المعرفي والبيداغوجي لسبر أغوار الكائن الفتي الذي تتعدد مفاتحه ومداخله ثم انتقل إلى فضاءات التعليم والتعلم، فعايش الناشئة بتلويناتها الجغرافية والاثنية واللغوية والطبقية والثقافية، وتبين له أن صناعة الإنسان مهمة صعبة لا يركب سفينتها إلا " القوي الأمين" القوي بدنيا وعقليا ومعرفيا وتربويا، والأمين لأن الآباء والأمهات وضعوا فيه الثقة، وكلفوه بتنشئة فلذات الأكباد. فحرص على أن يكون في الموعد، ويؤدي الرسالة العظيمة التي تجعل مكانته عند خالقه جليلة لقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم:" إن الله وملائكته.. حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير" (رواه السيوطي وصححه الألباني). فطوبى لهذا الانسان بهذا الشرف العظيم إذا أدى الأمانة، ونفذ المهمة بضمير حي يوجهه قبل أية سلطة أخرى لأن السلط مهما كان جبروتها وقوتها فهي لا تتواجد دائما أمامه، وهو قادر على الانفلات وتقديم الصورة غير الحقيقية إلا سلطة الضمير التي تصاحبه أنى حل وارتحل، تخرجه من الدعة والفتور، تجدد نشاطه وحيويته، تقويه على تحمل الصعاب وما أكثرها، تجعله لا يلتفت إلى الاهانة والنكتة الساخرة التي جعلته موضوعها لأسباب ومسببات.
في 1966 تم توقيع توصية مشتركة بين منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم حول أوضاع المعلمين، وفي 5 أكتوبر 1994 لأول مرة تم الاحتفال باليوم العالمي للمدرس وهي مناسبة من المفروض أن يكرم فيها المدرس، وهي فرصة للوقوف على منابع الخلل ونقط القوة. بل فرصة لنقف على منجزات المدرس مقابل التراجعات التي مست كرامته، وإنها فرصة لاسترجاع مكانة رجل التعليم عبر تكريمه لأن تكريم المربي ترسيخ لثقافة الاعتراف، وما أحوجنا لهذه الثقافة الحضارية لتشجيع من قام بواجبه ليتحمس أكثر ويطور عطاءه.
إن ما أسداه المدرس لهذا الوطن العزيز لا يقدر بثمن. رجل ولج المهنة شابا يافعا، وقدم أعز أيام شبابه خدمة لنساء ورجال، وقضى معظم أيامه بين جدران القسم، أحيانا في ظروف صعبة، بل وأحيانا في ظروف شبه مستحيلة... مهما قدمنا له من شهادات، ومهما أوصلنا له من اعترافات، فهي تظل دون مستوى التطلعات. رجل التعليم الذي كان في الماضي محض احترام وتقدير واعتراف من الجميع، أصبح اليوم محط مهزلة وانتقاد من القريب والبعيد. رجل التعليم الذي كان فعلا لا قولا محط إجلال وتقدير، أصبح اليوم عرضة للإذلال والتشهير فمن النكث الساخرة التي تصفه بأقبح الصفات إلى الاعتداء اللفظي والبدني من الآباء والمتعلمين والتشويه الإعلامي وحتى الرسمي أحيانا عبر تضخيم بعض الانزلاقات والانحرافات المعزولة التي يقع فيها بعض ضعاف النفوس من داخل الجسم التعليمي.
إننا لا ننكر دور العامل الخارجي في هذه الصورة المتردية المنفرة التي تضع الكل في سلة واحدة، وتغبط حق الشريفات والشرفاء من نساء ورجال التعليم المحبين لمهنتهم المتفانين في أداء مهمتهم على أحسن وجه، لكننا لا ننكر أيضا العامل الداخلي من خلال أمراض تفتك بجهاز مناعتنا، وتجعل البعض منا ينسى رأسماله الرمزي، ويتصرف خارج قواعد التربية، ويعكس مظاهر الفساد التي تنخر مجتمعنا، وتستدعي تعبئة كل الطاقات لتطهير جسمنا من هذه السلوكات التي وإن كانت مظاهر معزولة فهي تسيء إلى كرامتنا التي هي رأسمالنا الوحيد الذي به نعيش، ونتنفسه كما نتنفس الهواء.
ونأمل أن تكون هذه المناسبة فاتحة خير على مؤسستنا لتستعيد مكانتها التاريخية، ويستشعر فيها كل إطار تربوي وإداري دفء الأسرة التعليمية بحق، فتزول الضغائن وتتصالح النفوس، وتتحابب القلوب، وتتقارب العقول لبناء مرحلة جديدة تندمج فيها مؤسستنا بفعالية في مشروع إعادة الاعتبار إلى المدرسة العمومية، وإصلاح المنظومة التربوية التي وصلت إلى أدنى مستوياتها لأن قطب الاصلاح الذي هو المربي والمربية همش، واعتمدت المقاربة التكنوقراطية الجافة القائمة على لغة الأرقام الخادعة.
تحية إلى الذي علمنا ما لم نكن نعلم، ففككنا رموز اللغة، وانفتحنا على الذات والمحيط وامتلكنا العالم باللسان، تحية لهذا المربي الفاضل في مدن وحواضر الوطن، في المناطق النائية، في السهول والجبال الوعرة والصحاري والواحات، في كل بقعة من مغربنا الحبيب، ونقول له ابق على العهد، وأد المهمة، أحبب مهنتك لتنمي نفسك وغيرك فلا تشعر باليأس لا الفتور ولا تلتفت لخفافيش التاريخ داخل الجسم التعليمي وخارجه، الذين يريدون أن تنتشر عدواهم ويستفحل الداء لينهار المربي، وما ذلك بواقع ما دمت متشبثا بعزتك وكرامتك ونضاليتك تستفز الظلام ولو بإضاءة شمعة في روح الأجيال، فأنت أنت باني الحضارة والإنسان، أنت أنت الأمل، أنت أنت الحب، أنت أنت الحق، أنت أنت الخير، أنت أنت الجمال.. وتحية لأحبتي الذين شغاف القلب يعشقهم، ولأستاذاتي الفاضلات وأساتذتي الفضلاء في عيدهم السنوي، وكل عام وأنتم بألف ألف خير.
Nos points forts : un lycée modèle | Par Enseignant |
Article : une journée pour la pédagogie | Par Enseignant |
Article : le respect de l'autre | Par Enseignant |
J'aime mon lycée : comment rendre la vie agréable au lycée | Par Enseignant |
Article : la journée internationale de l'environnement | Par Enseignant |
|
|
|