lycee Moulay Ismail

االثانوية التأهيلية مولاي اسماعيل الدار البيضاء

 Lycée Moulay Ismail Casablanca   

   

لتأهيلية م.إسماعيل -  الدار البيضاء.                                                   الأستاذ: الزهيدي عبد الفتاح

مادة الفلسفة

المجزوءة الرابعة:  الأخلاق

 

* المدخل:

لا يستمد الفعل البشري تميزه عن السلوك الحيواني من موجبها الصفة العقلية فحسب، بل من الخاصية الأخلاقية له أيضا؛ فإذا كان العقل يحقق للإنسان خطوة نوعية في طريق المفاصلة عن عالم الغريزة الحيواني، فإن استكمال إنسانيته وبلوغ أقصى درجاتها لا يكون إلا بأخلاقيته، كما أن بلوغ الغايات القصوى للوجود البشري مشروطة بضرورة التحقق بمقتضيات الواجب الأخلاقي تجاه الذات والغير.

-إذا اتضح ذلك، فكيف يتحدد الواجب الأخلاقي؟ ما مفهومه وما علاقتنا به؟ هل تقوم على أساس الالتزام النابع من الضمير؟ أم تكون صادرة عن الإكراه والشعور بالطابع الملزم له؟

-وإذا كان للفعل الخلقي من غاية، فإن أقصاها ليس شيئا آخر غير بلوغ السعادة؛ ففيما تتمثل السعادة؟ وما علاقتها بكل من المنفعة والمتعة والعقل والخير والواجب ...؟ على ما يتوقف تحقيقها؟

-أيا كانت طبيعة السعادة وحقيقتها (متعة، عقلية ...) فإن لا تبنى إلا داخل علاقات لجمعية تفرض التزام الإنسان بواجبه (واجب إسعاد الذات والغير). إلا أن القيام بذلك أمر يشترط بالضرورة تملك الإنسان لحرية الفعل والتصرف والإرادة، فبدون الحرية لا يمكنه تحقق ما هو مطلوب منه. وعلى ذلك، فالحرية حق جوهري يخص الإنسان وتضعه فوق جميع الكائنات الطبيعية، غير أن الحرية قد تبدو متعارضة مع مبدأ الحتمية الذي تخضع له الوقائع على نحو ثابت؛ فما طبيعة العلاقة بين الحرية والحتمية؟ كيف يمكن التوفيق بين الحرية ومبدأ الواجب؟

تلك هي الأسئلة التي ستؤطر دراسة المجزوءة. ووعيا من الفلسفة بأهمية الأخلاق وخصوصية علاقتها بالإنسان، نشأ مبحث القيم (الأكسيولوجيا)[1].


 

المجزوءة : الأخلاق

الباب الأول: الواجب

مقدمة:

الواجب بوجه عام هو أمر أو مطلب يحمل صفة الإلزام ويكون تركه مستحقا للذم والعقاب أو مفضيا إلى حصول أثر غير مرغوب (ضياع معينة مثلا ...)، فكل ما يستلزم القيام به لاعتبارات معينة (دينية أو اجتماعية أو سياسي أو تربوية ...) فهو واجب.

ويدل في معناه الأخلاقي على كل فعل قابل للاتصاف بالخير أو الشر، الفضيلة أو الرذيلة، يكون على الفرد القيام به، غما من جهة الإلزام والإكراه، أو من جهة الالتزام الحر المقترن بالوعي والضمير والعقل، سواء نحو ذاته أو نحو مجتمعه.

انطلاقا من تلك الثنائية (الإلزام/الالتزام) تنشأ الإشكالية الفلسفية لمفهوم الواجب. فهناك من جهة إكراه أخلاقي تستلزمه ضوابط وحتميات المجتمع ونظام مصالحه، ومن جهة ثانية، ثمة التزام عقلي وأخلاقي نابع من الإرادة والوعي والمسؤولية والاحترام. ضمن هذه الجدلية إذن، سيتأطر تناول إشكالية الواجب:

I- فهل الواجب فعلا أمر أخلاقي عقلي صادر عن الإرادة الحرة ولا علاقة له بالمصلحة؟ أم هو فعل تحكمه الضرورة والإكراه الخارجي؟ وبصيغة أخرى، من أين يستمد الواجب طابعه الإلزامي؟

هل من ضغوط المجتمع وقوانينه السلطوية؟ أم من مقتضيات العقل والضمير الأخلاقي والوعي؟

II- ولكن هل الوعي الأخلاقي كان كمعيار لتحديد ما هو واجب أخلاقيا؟ وما الوعي الأخلاقي أصلا؟

هل هو معطى فطري يدفع الفرد طبيعيا إلى القيام بمسؤوليته الأخلاقية؟ أم أمه وعي مكتسب من المجتمع والتاريخ ...؟ ألا يمكن أن يكون الوعي الأخلاقي مجرد وعي زائف أنسجته اعتبارات مصلحية تعرضت للنسيان؟

-وفي الأخير، بأي معنى يمكن الحديث عن الواجب الأخلاقي بين ما هو فردي وما هو جماعي؟


 

المحول الأول: الواجب والإكراه.

ركزت الفلسفات التقليدية الأولى في تأملها للأخلاق على العناصر النفسية للذات الإنسانية والانفعالات المرتبطة بها. فالفلسفة اليونانية تنظر للفعل الأخلاقي من خلال مفهوم الفضيلة باعتبارها استعدادا نفسيا وعقليا، فلا يكون الفعل أخلاقيا إلا إذا كان مطابقا لها، وهو ما يخلق انسجام الإنسان مع العقل والطبيعة، وبالتالي يجعله سعيدا.

وفي الفلسفات اللاحقة، نجد أن الاتجاه الابيقوري (= نسبة إلى أبيقور الفيلسوف اليوناني 342 – 270 ق.م) يربط الأخلاق باللذة والألم، فالفضيلة لا قيمة لها في ذاتها بل تستمد قيمتها من اللذة التي تصاحبها، إنها الخير الوحيد، والألم هو الشر الوحيد.

ما يستنتج هذا هو غياب مفهوم "الواجب" والإلزام"، فهذه الفلسفات بالرغم من اختلاف تصوراتها للأخلاق، تنفق على مسلمة أخلاقية تقليدية تتمثل في ربط قمة الفعل الأخلاقي ببعده الغائي. وفي الفلسفات الحديث، سنجد أن النزعة التجريبية تمثل امتدادا لنفس التصور الغائي، فقيمة الفعل الأخلاقي في غايته، والتي حددها دافيد هيوم في تحقق المنفعة. ذلك أن مصدر الأخلاق هو التجربة العملية، ومعنى ذلك أن الأخلاق محكومة بما يترتب عنها من آثار ملموسة تتمثل في تحقيق الربح والمنفعة وتجنب الخسارة، وإذا لم تحقق الأخلاق الخير والرخاء العام فلن تكون خيرة.

نتيجة: إن تأسيس الفعل الأخلاقي على المنفعة والمصلحة الخارجية من شأنه نفي الصيغة الإلزامية عنها، بل ويؤدي إلى هدمها وتعريضها للنسبية الفوضوية والعدمية ...

* أطروحة كانط:

من هذا المنطق يرى كانط، منتقدا التصور التجريبي، أن الأخلاق لا تتأسس على التجربة والمصلحة ولا على مجرد الميل الغريزي المباشر، بل تتأسس على مفهوم الواجب.

والواجب الأخلاقي عند كانط هو إلزام عقلي غايته احترام خالص للقانون بوصفه خيرا لذاته. وهو احترام نابع من العقل والضمير والوعي. ومنطلقه هو الإرادة الخيرة والحرة والمستقلة إلى لا تأخذ بعين الاعتبار الآثار الناتجة عنها (نجاح، ربه، ...) ولا الأهواء، فالعقل يلزم القيام بالواجب الأخلاقي حتى لو تعارض مع الأهواء.

 

تركيب:

لكن السؤال المطروح/ هو كيف يتشكل الوعي بالواجبات الأخلاقية لدى الإنسان؟ أي كيف يمتلك الإنسان القدرة على التمييز بما يجب فعله (الخير) وما لا يجب (الشر) ما أصل الوعي الأخلاقي وما طبيعته؟ هل هو معطى طبيعي فطري في الذات؟ أم مبني على العقل؟ أم انه يتشكل كنتاج المعطيات الواقع الاجتماعي والثقافي؟

 

* المحور الذاتي: الوعي الأخلاقي:

-تعريف الوعي: ملكة الشعور بالذات وإدراكها إدراكا مباشرا0 وحسب لالاند، يفيد "إدراك الفكر لذاته ولحالاته وانفعالاته، أو إدراكه للعالم الخارجي" إنه ملكة التمييز بين الذات والموضوع، وهو ما يمكن الذات من العودة إلى ذاتها وتمييزها من موضوعات العالم الخارجي.

-الوعي الأخلاقي: قدرة الفكر على إصدار أحكام معيارية عفوية على الأفعال الإنسانية والتمييز فيما بين الخير والشر، بين الفضيلة والرذيلة، وبين المباح والممنوع.

فما مصدره؟ وما طبيعته؟

*ج.ج. روسو: يرى روسو أن الوعي الأخلاقي بالواجب معطى فطري داخلي ومحايد للذات لا يشكل نتاجا لمعرفة أو استنباط عقلي، فهو إحساس عفوي مركوز في أعماق النفس الإنسانية (أشبه بالغريزة)، بواسطته نتمكن تلقائيا من الاختيار بين الأفعال والأشياء. ومن ثمة، فهو الملكة الوحيدة التي تميز الإنسان عن الحيوان.

إذا كان روسو قد ربط الوعي الأخلاقي بمصدر فطري، فغن التفكير الفلسفي لما بعد، سيذهب إلى إرجاع مصدره إلى العقل. ويأتي "كانط" في مقدمة هذا التوجه، حيث يرى أن العقل العملي هو المحدد الذي ينبني عليه التمييز بين الأفعال الأخلاقية.

* إريك فايل: في نفس الاتجاه، يرى إ. فايل أن ما يؤسس الوعي الأخلاقي ليس هو الإلزام والاضطرار، بل هو الانحياز الحر إلى العقل، وهو ما سيضفي على المبادئ الأخلاقية طابع الكونية. ويعطي للإنسان إنسانيته.

* ف. برونتنو: نفس المنطق يكاد يحكم تصور "برونتانو" للوعي الأخلاقي:

بالرغم من نزعته الامبريقية العملية، فغن برونتانو،وبعد تمييزه لنمطي الضرورات والالتزامات الممكنة للتربية الأخلاقية (انظر الخطاطة) يخلص إلى التأكيد على ضرورة تأسيس لأخلاق على قواعد المنطق والعقل والمنهج، وليس على التزامات الصادرة عن إرادة خارجية.

لكن الكائن البشري، ورغم ما يتميز به من غريزة فطرية أو ملكة عقلية، كائن يعيش داخل المجتمع، يتأثر به ويؤثر فيه، وتقوم التنشئة الاجتماعية هنا بدور ترسيخ قيم المجتمع وتشكيل وعي الفرد الأخلاقي.

خلاصات:

- الوعي الأخلاقي يجسد إنسانية الإنسان وتمييزه عن الحيوان.

- الوعي الأخلاقي هو ما يضمن حرية الفرد وإرادته وبالتالي تجاوزه للطابع التفسيري والإكراهي للأخلاق الصادر عن إرادة خارجية.

إذا كان المواقف السابقة، رغم ما بينها من أخلاق حول مصدر الوعي الأخلاقي (فطري أم مكتس؟)تتفق على نظرة ايجابية للوعي الأخلاقي، فإن اتجاهات فلسفية معاصرة قد شئت هجوما على الوعي الأخلاقي مبرزة جوانب الزيف التي يخفيها والاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية الطبقية التي يخفيها (ماركس) ومفككة منطق التبرير الذي ستستر به؛ فما نسميه "وعيا أخلاقيا" ليس إلا. تبريرا لعلاقات السيطرة والهيمنة بين الأسياد والعبيد (نيتشه). أو تنظر إلى الوعي كآلية من آليات القهر والكبت وتراكم الممنوعات النفسية التي يعمل لانا الأعلى على تدجينها وتهذيبها عبر أساليب التأنيب والعقاب (فرويد).

بغض النظر عن النقاش الفسلفي السابق عن أصل الوعي الأخلاق في الفطرة أو في المجتمع أو العقل فان الإشكالية الأكثر راهنية في موضوعة الأخلاق تتحدد في تدبير العلاقة بين الواجبات الفردية وما تتطلبه من إرادة وحرية اختيار والواجبات المجتمعية وما تقوم عليه من سلطة وإكراه وما تتطلبه من اندماج ومسؤولية:

 

المحور الثالث: الواجب والمجتمع:

إن البعد الاجتماعي للفرد البشري يدفعنا إلى استحضار التفاعل القائم بين الفرد والمجتمع ذلك أن المجتمع، ومن خلال ما يفرزه من معطيات ثقافية واجتماعية (قيم، تصورات، مؤسسات، أعراف، تقاليد، ثقافة، قوانين) يمثل مصدر سلطة على الأفراد، حيث يعمل الأفراد على استدماج قيم هذا المجتمع ويتشبعون بثقافته وحضارته، فتظهر أثار استدماجهم لهذه المعطيات على المستويات الفكرية –العقلية والنفسية والأخلاقية، في هذا الإطار يرى إميل دوركايم أن المجتمع هو المصدر الوحيد للمعايير الأخلاقية، فهو الذي يحدد الواجبات الأخلاقية، ويرسخها في وعي أفراد، عبر أساليب التربية والتنشئة الاجتماعية، وبالتالي فهي تتجاوز إرادتهم الفردية، بل وتتحكم فيها في الاتجاه الذي يجعلها جرد انعكاس لصوت المجتمع وإرادته، وذلك بفضل ما تتميز به من سلطة إلزامية واكراهية مستمدة من الغايات العليا للمجتمع.

على أن المجتمع – من منظور دور كايم- لا يعني مجموع أفراده، بل هو وحدة عضوية  مندمجة وكلية ومستقلة عن إرادة أفراده.

-إذا كان صحيحا ما يتميز به كيان المجتمع من وحدة كلية واندماج على نحو ما يبين "إ. دوركايم"، فهل يصل الأمر إلى حد الوحدة العضوية الشبيهة بتلك التي تميز الكائنات الحية؟

لعل ذلك ما يحاول "بوغسون" نفيه، وذلك بقوله: "أن الجهاز العضوي الخاضع لقوانين ضرورية هو شيء، والمجتمع المؤلف من إرادات حرة هو شيء آخر".

انطلاقا من هذه القول يميز "برغسون" بين مفهومين: مفهوم الضرورة ومفهوم العادة: فالضرورة قانون طبيعي (بيولوجي) عام يخضع له كل كائن حي على نحو حتمي (الموت مثلا)، أمام العادة فهي بمثابة إلزام وإكراه لا يتعارض مع الوعي والحرية والإرادة الفردية. وما يحدث هو انه عندما تجمع عدة إرادات فردية وتنتظم ضمن إطار اجتماعي معين، فإن هذا الأخير يهم شبيها بجهاز عضوي.

توافق                   

وبالنتيجة، فإن بالرغم من سلطة العادة، لا تنتفي إمكانية خلق هوامش الحرية والإرادة الشخصية. ولعل هذه النتيجة من أهم الخلاصات الضرورية التي يسمح النقاش الفلسفي حول مفهوم الواجب بانبثاقها. إن الرهان الحقيقي هو في خلق التوفيق بين مطلب الالتزام بالواجب الأخلاقي وعدم نفي حرية الإنسان وإرادته واختياره، وبهذا المفهوم، يكون الامتثال للقيم والقوانين والقواعد تجسيدا الإنسانية الإنسان ومدخلا لتحقيق سعادته.


 

[1] - الاكسيولوجيا: المبحث الفلسفي الذي يهتم بدراسة القيم والأخلاق العليا الموجهة للفعل البشري، فيدرس طبيعتها (هل هي صفات للأشياء عينها أم مستقلة عنها) معاييرها ووظائفها (مطلقة أو نسبية، غاية بناتها أم وسيلة) ...

 

الثانوية التأهيلية م.إسماعيل -  الدار البيضاء.                                                   الأستاذ: الزهيدي عبد الفتاح


Les Articles les plus lus

Nos points forts : un lycée modèle Par Enseignant
Article : une journée pour la pédagogie Par Enseignant
Article : le respect de l'autre Par Enseignant
J'aime mon lycée : comment rendre la vie agréable au lycée Par Enseignant
Article : la journée internationale de l'environnement Par Enseignant

LES DIFFERENTES SECTIONS

Sciences maths


Avec ses morceaux de poulet grillé, ses copeaux de parmesan et ses croûtons,

Lettres modernes


Avec ses morceaux de poulet grillé, ses copeaux de parmesan et ses croûtons,

Sciences physiques


La salade de riz est un plat complet et savoureux, à base de riz, de thon et de crudités.

Sciences humaines


La salade de riz est un plat complet et savoureux, à base de riz, de thon et de crudités.

Sciences de la vie et la terre


La salade de riz est un plat complet et savoureux, à base de riz, de thon et de crudités.

Autres activités


La salade de riz est un plat complet et savoureux, à base de riz, de thon et de crudités.

Liens pratiques, L.M.I.C. ,
Situation du Lycée
lycee

L.M.I.C. sur les réseaux sociaux

Informations générales